MEI

داعش" إلى العلن في الجنوب السوري"

نوفمبر 29, 2022


مشاركة

Read in English

أطلقت المجموعات المحلية في مدينة درعا البلد ، وهي مجموعات عسكرية كانت تتبع للجيش السوري الحر، و بقيت في المحافظة بعد توقيع أتفاقية المصالحة مع النظام السوري برعاية روسية في يوليو / تموز عام 2018، عملية عسكرية واسعة على مجموعات هفو _ الحرفوش في أحياء طريق السد والمخيم داخل درعا البلد.

العملية العسكرية التي بدأت في 31 تشرين الأول / أكتوبر، تأتي بعد ثبوت علاقة مجموعة هفو _ الحرفوش العسكرية، بالتفجير الانتحاري الذي استهدف منزل القيادي في الجيش السوري الحر غسان الأكرم أبازيد وراح ضحيته أربع أشخاص وعدد من الجرحى، بتاريخ 28 تشرين الأول / أكتوبر في مدينة درعا البلد جنوب سوريا، إضافة لعمليات مشابهة قامت بها تلك المجموعة خلال السنوات الماضية مستهدفة فصائل عسكرية تتبع للمعارضة في الجنوب السوري.

من هما الهفو  - والحرفوش

ينحدر كلاً من محمد المسالمة الملقب بـ ""الهفو""  ومؤيد عبدالرحمن الملقب بـ ""الحرفوش"" من درعا البلد وهما من القادة السابقين في الجيش الحر ضمن قطاعات الجبهة الجنوبية، عمل ""الهفو"" منذ بدء العمل العسكري في الجنوب السوري، مع فصيل ""جبهة ثوار سوريا"" التابع لغرفة العمليات المشتركة ""الموك""، حتى سيطرة النظام وحليفتيه روسيا وإيران على المحافظة بموجب أتفاق المصالحة عام 2018، بينما عمل ""الحرفوش"" ضمن فصائل المعارضة التي كانت في قطاع مخيم السد داخل درعا البلد.

خلال هجوم النظام وروسيا والمليشيات الإيرانية على محافظة درعا عام 2018، قاتلت المجموعات التابعة لكلاً من الهفو والحرفوش حتى اللحظات الأخيرة، بالرغم من وجودها على أكثر النقاط التي كانت تشهد معارك عنيفة مع النظام السوري، وحتى بعد سيطرة النظام على المحافظة تمركز كلاً من الهفو والحرفوش مع عناصرهم في تلك النقاط على أطراف مدينة درعا البلد.

بعد سيطرة النظام على المحافظة بموجب أتفاق المصالحة، عاد الهفو والحرفوش إلى واجهة الأحداث، بعد رفضهما بعض بنود الأتفاق المبرم بين اللجنة المركزية للمصالحة واللجنة الأمنية التابعة للحكومة السورية، بسبب رفض كلى القياديين للبند المتعلق بالتهجير نحو الشمال السوري، ما دفع النظام السوري للتصعيد العسكري على المنطقة في محاولة لفرض تلك البنود بالقوة.

بعد ثلاث أيام من العمليات العسكرية ظهر كلاً من الهفو والحرفوش في شريط مصور، يعلنان فيه خروجهم من أحياء درعا البلد، في محاولة لتجنيب المدنيين العمليات العسكرية والقصف ، وأعلنا قبولهم ببند التهجير إلى الشمال السوري، لكن هذا الإعلان تم العودة عنه بعد أيام وعاد كلاً من القياديين إلى نقاط تمركزهم السابقة على أطراف درعا البلد في تحدي للنظام السوري.

ملاحقة النظام السوري وحليفته روسيا أستمرت ضد كلاً من الهفو والحرفوش، حيث حاولت لجنة المصالحة التابعة للنظام والمشرفين الروس على عمل تلك اللجنة من تهجير الهفو والحرفوش إلى الجنوب السوري، لكن تلك المطالب قوبلت بالرفض من أصحاب العلاقة وأيضاً من قبل اللجنة العليا للمصالحة المشكلة من أبناء محافظة درعا.

في شهر سبتمبر / قام الأمن العسكري التابع للنظام السوري في محافظة درعا بخطف عائلة مؤيد الحرفوش، والمكونة من زوجته و 6 من أطفاله، للضغط عليه للخروج من الجنوب السوري إلى الشمال، لكن تلك المحاولات فشلت بعد رفض الحرفوش لها، والذي أستمر مع رفيقه الهفو بالتواجد داخل درعا حتى يومنا هذا.

العلاقة مع ""داعش""

في عام 2017، كان الجيش السوري الحر يقوم بعمليات عسكرية ضد النظام السوري ضمن معركة ""البنيان المرصوص"" والتي كانت أستكمالاً لمعركة ""الموت ولا المذلة"" في حي المنشية، وفي تلك الفترة تعرضت مستودعات وآليات الفصائل المشاركة في العملية لتفجيرات، وانتهت التحقيقات وقتها باعتقال محمد المسالمة الملقب بـ ""الهفو""، حيث تم سجنه بتهمة الوقوف خلف تلك العملية، وأودع في سجن القلعة بمدينة بصرى الشام، لكنه خرج من السجن بوساطة عشائرية قبل سيطرة النظام على محافظة درعا عام 2018.

النظام السوري كان أول الجهات التي أتهمت ""الهفو"" و ""الحرفوش"" بالعلاقة مع تنظيم ""داعش""، حيث أكدت في وسائل إعلامها الرسمي في أكثر من مناسبة عن أرتباط هذين الشخصين بتنظيم ""داعش""، والذي كان يمثله في الجنوب ""جيش خالد أبن الوليد"" الذي كان يسيطر على منطقة حوض اليرموك بشكل كامل.

بعد استقرار الأوضاع في درعا البد عام 2021، ازدادت وتيرة التفجيرات والاغتيالات في مختلف مدن المحافظة، بعضها كان النظام متهماً بالوقوف خلفها مستعيناً بمجموعات محلية تعمل معه، وبعضها كان تنظيم ""داعش"" المتهم بها، وكان من ضحايا تلك الاغتيالات عدنان أبازيد ومعتز قناة، أحد أبرز قادة الجيش الحر العسكريين في الجنوب السوري، وقناة هو الذي قام بعمليات التحقيق مع الهبو عام 2017 بتهمة تفجير مستودعات غرفة عمليات البنيان المرصوص، ما إعاد الشكوك نحو ""الهبو"" ورغبته في أخفاء جميع الخيوط التي تربطه بالتنظيم وتلك العملية.

في الأيام الماضية تفجرت الأحداث في محافظة درعا وتحديداً درعا البلد، بعد تفجير انتحاري أستهدف منزل غسان الأكرم أبازيد في حي الأربعين بدرعا البلد، وأدى لمقتل أربع أشخاص وجرح آخرين، حيث كشفت عمليات التحقيق أن الأنتحاري الذي فجر نفسه هو أبو حمزة سبينة، عنصر سابق في جيش خالد بن الوليد الذي كان مبايعاً لتنظيم ""داعش""، وأن هذا الانتحاري كان يعيش في المنطقة بحماية كلاً من ""الهفو"" و الحرفوش""، في تاكيد لعلاقة هذين الشخصين بالتنظيم ما أعاد عمليات التحقيق ضدهم للواجهة.

عمليات التحقيق كشفت عن تسجيلات صوتية بين الهفو والحرفوش بعمليات سابقة لصالح التنظيم، بالتعاون مع أسامة الزير أهم أمنيي التنظيم في الجنوب السوري، أولى تلك العمليات تفجير معسكر جيش الإسلام في مدينة نصيب عام 2017، والتي قتل فيها أكثر من 25 عنصراً من جيش الإسلام، العملية الثانية هي تفجير مستودعات غرفة عمليات البنيان المرصوص في درعا البلد عام 2017، إضافة لعمليات اغتيال ومحاولات لتصفية قادة مهمين في الجيش السوري الحر المتواجدين في درعا، والتي كان آخرها عملية  التفجير التي استهدفت منزل القيادي السابق في الجيش الحر، غسان الأكرم أبازيد.

معارك ووساطات للحل

تستمر المعارك بين كلاً من الفصائل المحلية المقربة من ""اللجنة المركزية"" في مدينة درعا، ضد مجموعات ""الهفو"" و ""الحرفوش"" المتهمة بالتعامل مع تنظيم ""داعش""، حيث تمكنت الفصائل المحلية من السيطرة خلال اليومين الماضيين على حي طريق السد في درعا البلد، منطقة تمركز المجموعات المرتبطة بتنظيم ""داعش""، لكن هفو _ والحرفوش تمكنوا من الهروب خارج الحي مع القيادي في تنظيم ""داعش"" يوسف النابلسي، والذي يعتبر اهم قادة التنظيم في الجنوب السوري.

عمليات التفتيش في حي طريق السد، تتزامن مع معارك مستمرة في أحياء درعا المحطة وحي الأربعين ، حيث أسفرت  المعارك عن مقتل أكثر من 10 أشخاص من الفصائل المحلية إضافة لمدنيين بينهم طفل، بينما قتل 8 من عناصر المجموعة المتهمة بالتبعية لتنظيم ""داعش""، أحدهم أحمد الحرفوش أخ مؤيد الحرفوش،  فيما تستمر ملاحقة مجموعات أخرى على علاقة بالتنظيم في مناطق متفرقة من محافظة درعا ، خاصة في منطقة جاسم واليادودة في ريف المحافظة.

المعارك دفعت وجهاء محافظة درعا إلى طرح مبادرة للتوصل إلى حل، هذه المبادرة تنص على تسليم كلاً من محمد المسالمة ""الهفو"" و مؤيد الحرفوش ""الحرفوش"" أنفسهم لطرف ثالث في درعا والخروج من المدينة، حتى استكمال إجراءات التحقيق والتحاكم بالتهم المنسوبة لهم وعلى رأسها علاقتهم بالتنظيم والعمليات التي كشفت التسجيلات عن ضلوعهم بها.

الشيخ فيصل أبازيد، عضو اللجنة المركزية في محافظة درعا وخطيب المسجد العمري ، قال ""ان مبادرة الحل قوبلت برفض من الهفو والحرفوش بعد عرضها عليهم، وان الفرصة اللممنوحة لهم لن تستمر طويلاً، مؤكداً على أن الحل القادم هو القضاء على تلك المجموعات والخلاص منها"".

الشيخ أبازيد إضاف "" أن هناك جهات تحاول تصوير الوضع على أنه صراع عشائري بين عشيرة الأبازيد والمسالمة التي ينتمي لها هذين الشخصين، لكن الحقيقة هي صراع بين أبناء درعا وأشخاص مجرمين متهمين بقتل العشرات من أبناء المحافظة خلال السنوات الماضية"".

أصرار الفصائل المحلية على تسليم المطلوبين لأنفسهم ومحاكمتهم، يضع مجموعة الهفو والحرفوش في خيارين لا ثالث لهما، الأول هو التسليم وهو مستبعد في الوقت الحالي، أما الخيار الثاني هو الاستمرار بالقتال حتى اللحظات الأخيرة وهذا أقرب السيناريوهات المتوقعة.

دور خفي للنظام

نشاط خلايا تنظيم ""داعش"" في الجنوب السوري وخاصة محافظة درعا خلال السنوات الماضية، كان للنظام دور كبير به، ويعود هذا الدور إلى مطلع عام 2019، عندما أطلق النظام السوري وعلى فترات متفرقة، سراح قرابة 200 عنصراً من عناصر جيش ""خالد بن الوليد""، الذي كان مبايعاً لتنظيم ""داعش"" و يسيطر على منطقة حوض اليرموك، كان قد اعتقلهم خلال فترة سيطرته على المحافظة..

ومن الذين أطلق النظام سراحهم في فترة عام 2019 وساهموا في عودة نشاط التنظيم في الجنوب السوري، ماهر كنهوش من بلدة جباب شمالي درعا، وهو قيادي في ""داعش"" كان يشغل منصباً مهما في ديوان الحسبة التابع للتنظيم، ومن المفرج عنهم أيضاً، يوسف النابلسي الملقب بأبو البراء، وهو الأمير العام لخلايا ""داعش"" الأمنية خارج مناطق حوض اليرموك التي كان  يسيطر عليها التنظيم سابقاً عبر ذراعه جيش ""خالد بن الوليد، وهو المسؤول الأول الآن والذي يقود العمليات العسكرية لمجموعات هفو _ الحرفوش.



Photo by LOUAI BESHARA/AFP via Getty Images

The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.